كيف نشأ الكون

علم الفضاء والفلك

وضع علماء الفضاء والفلك الكبار كالمسلمين الأوائل، مثل: عبد الرحمن الصوفي، البيروني وابن الهيثم، وعلماء العصر المتوسط والحديث مثل: آينشتاين ونيوتن وهابل وغاليليو وغيرهم الكثير النظريات فرضيات وإحصائيات تدعم وتفسر وتوضح بعض الظواهر الكونية وأمور الفضاء الخارجي وما وراء مقدرة العينين والمراقب ومركبات الفضاء على الرصد، وحسبوا كلّ تلك الحسابات وعمموا التفسيرات، إلا أنّ هذا العلم يبقى علمًا مبهمًا، وقد لا تنطبق عليه فيزيائية الأرض وقوانينها، وما إن تظهر به نظرية جديدة إلا وتلحقها أخرى تدحرها أو تنقدها، ويبقى السؤال المتداول عن كيف تشكّل الفضاء وأيضًا كيف نشأ الكون هو محطّ اهتمام الكثير.

كيف نشأ الكون

وُضعت الكثير من الافتراضات والنظريات للإجابة عن سؤال كيف نشأ الكون، منها ما هو عقلاني منطقيّ، ومنها ما يندرج تحت الخرافة كالتي وضعتها بعض الحضارات السابقة كالإغريق، وجاءت الشرائع السماوية لدحضها وإبطالها وتأكيد عدم صحتها، ووافقها على ذلك العلم بالطبع.

إنّ أهم وأقوى نظرية وُضعت لتفسِّر كيف نشأ الكون هي نظرية الانفجار العظيم، التي وضعها العالمين؛ ألكسندر فريدمان روسي الجنسية وجورج لوماتر بلجيكي الجنسية، فقام الأول بحل معادلات النسبية لآينشتاين 1922م والاستدلال على فكرة تمدد الكون، ليقوم الثاني عام 1927م بوضع نظرية تمدد الكون.

وتقول هذه النظرية: إنّ الكون كلَّه قبل 13.8 مليار سنة كان مجرد جزيء ذري صغير مضغوط وهو ما أسماه العلماء بـ(الذرة البدائية)، ذي حجم يساوي صفرًا وكتلة لا نهائيّة، وحرارة هائلة جدًا، كان عبارة عن طاقة خالصة، وفي لحظة ما انفجرت هذه الذرة انفجارًا عظيمًا، وبدأ بعدها تكوّن الأحجام والذرات والعناصر، وتكوّن ما يسمّى بالزمان والمكان.

مراحل تكون الكون

اتّجه العلماء إلى أن الكون تكوّن عن طريق خمس مراحل أساسية ليصل إلى الحال الذي هو عليه الآن، وهذه المراحل باختصار هي:

- المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل هذا الانفجار، والتي لا معنى لمفهوم الزمان حينها، لذلك لم يستطع العلماء تقديم وصفًا لماهية هذه المرحلة لخروجها من كل المبادئ الفيزيائية المعروفة.

- المرحلة الثانية: لحظة الانفجار، مدة هذه المرحلة (10^-43) ثانية فقط، وهنا ظهر مفهوم الزمان، وانشطرت القوى الأربعة المعروفة اليوم: (الجاذبية والمغناطيسية والنووية الضعيفة والنووية الشديدة)، التي كانت تتشكل كطاقة واحدة، بلغت حرارة الكون حينئذ (10^32) كلفن، وبدأت الدقائق كالبروتونات والنيوترونات والإلكترونات بالتكوّن.

- المرحلة الثالثة: استمرت من 1 ثانية إلى 3 دقائق، حيث تكوّن عنصر الهيليوم من اتحاد البروتونات والنيوترونات، وعلى ذلك؛ يعتقد العلماء أن الهيليوم يشكّل ربع الكون.

- المرحلة الرابعة: تمتد هذه المرحلة من 3 دقائق إلى 100 مليون سنة، حيث انخفضت درجة الحرارة إلى 3000 كلفن، مما سمح بتكوّن الذرات كذرات الهيدروجين، وبعد زيادة البرودة ظهر ما يسمّى بالذرات المتعادلة.

- المرحلة الخامسة: وهي من 100 مليون سنة إلى الوقت الحالي، حيث كان حجم الكون خمس حجمه الحالي، وبدأت المجرات والمجموعات الشمسية وما يدور حولها من كواكب وأقمار وأجرام بالتشكل وفقًا للنظرية السديمية التي تُعد جزءًا من نظرية الانفجار العظيم.

الانفجار العظيم والإعجاز القرآني

وجد العلماء أن ما توصلوا إليه من الإجابة على سؤال كيف نشأ الكون، قد أجاب عنه القرآن قبل حوالي الألف وأربعمائة سنة، في الآية الكريمة في سورة الأنبياء: “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ” والرتق يعني: الاتصال والتلاصق بين الأجزاء، أما الفتق: فهو نقيضه؛ أي التباعد والانفصال بين الأجزاء، فسبحان من جعل القرآن منهاجًا وطريقًا مستقيمًا لعباده وغلب به جهل الكثيرين وأكرم به المؤمنين وأنار لهم بصيرتهم ودنياهم وأخراهم.